Wednesday, September 2, 2009

السفر عبر الزمن

السفر عبر الزمن:

السفر عبر الزمن حلم راود الكثير وأثار مخيلتهم. تحدد النسبية الخاصة السفر عبر الزمن نحو المستقبل فقط، لعدم قدرة أي جسيم بلوغ سرعة أكبر من سرعة الضوء. ولكن العديد من العلماء والفلاسفة، لم يستسيغوا فكرة عدم إمكانية السفر نحو الماضي، وكأن التاريخ سجل محفوظ لا يمكن العبث به. بالنسبة إلى العلماء كان الواقع يشدهم بقوة، فالنسبية تقف شامخة صامدة تحمي التاريخ من العبث والتغيير. لكن الأدباء والكتاب، خاصة كتاب الخيال العلمي لم يعيروا أي اهتمام لنتائج النسبية، فاخترقوا جدار الضوء مستخدمين أفكار ومفاهيم النسبية ذاتها وغيرها من النظريات العلمية يتنقلون من الحاضر إلى الماضي إلى المستقبل، لا يقف شيئاً أمام مخيلتهم الجامحة. العلماء أيضاً ليسوا أقل خيالاً، فأخذ البعض منهم يتعقبون كتاب الخيال العلمي يحاولون التقاط بعض الأفكار ليبنوا عليها النظريات العلمية حول السفر نحو الماضي. هكذا هو الإنسان لا يقبل إلا بالحقيقة المطلقة، فالمطلق هو الموضوع الحقيقي بالنسبة إليه. أما الحقيقة النسبية فهي ليست خياره. أما من الناحية العلمية حسب نظرية النسبية الخاصة، لكي نستطيع السفر عبر الزمن نحو الماضي لا بد من السير بسرعة أكبر من سرعة الضوء، أي اختراق جدار الضوء. وهنا نكون أمام تناقض حيث يتم اختراق مبدأ السببية الفلسفي (السبب يقع دوماً قبل النتيجة لا يمكن للنتيجة أن تسبق سببها)، يتجنب الكثير من العلماء المساس بهذا المبدأ. فإذا سرنا بسرعة أكبر من سرعة الضوء –إذا كان ذلك ممكنا- ستحدث أموراً غريبةً جداً لا يقبلها العقل ولا تتوافق مع المنطق. أطلق العلماء اسم التاخيونات على جسيمات تسير بسرعة أكبر من سرعة الضوء، لم يتم اكتشاف مثل هذه الجسيمات أو ملاحظتها أما في الوقت الحاضر أصبح السفر عبر الزمن موضوع بحثي جاد. ففي ثمانينات القرن الماضي استطاع الفيزيائيون الرياضيون تقديم الدراسات النظرية عن إمكانية السفر عبر الزمن نحو الماضي بشكل خاص النسبية العامة لا يمكننا أن نقول بأن العلماء أصبح بإمكانهم صناعة آلة الزمن ولا حتى في المستقبل المنظور، ولكن من حيث المبدأ يمكننا العثور على أجسام في الكون تعمل عمل آلة الزمن. يوجد نموذجين نظريين لما يعرف بآلة الزمن، كلاهما يعتمد على أن الزمن والمكان كينونات غير متمايزة (أي غير مختلفة)، إن وصف الرياضيين للزمن، مشابهاً كثيراً للمكان، فالمكان والزمان مظهران لبنية واحدة تدعى الزمكان .وهو فضاء رباعي الأبعاد يندمج فيه الزمن والمكان. ملاحظة : يجب أن أوضح بأن الحقل في النظرية النسبية حقيقي (واقعي) حيث يمكننا الكشف عن حقل الثقالة بواسطة أجسام مادية اختبارية، فحقل الثقالة (الجاذبية) هو التغير الحاصل في خواص وهندسة الزمكان المحيط بالجسم، أي أن الفراغ المحيط بالجسم المادي يكتسب خواصاً جديدة. فالفراغ (الزمكان في النسبية له بنية هندسية وخواص فيزيائية ومن أحد هذه الخواص قدرته على نقل الأمواج الكهرومغناطيسية. هذا على عكس النظرية النيوتنية فالفراغ عند نيوتن مجرد خواء لاشيء، والقوة عند نيوتن مفهوم فيزيائي، فالأجسام المادية عند نيوتن لا تحتاج إلى وسط حتى يؤثر بعضها على بعض، والتأثير عند نيوتن آني. أما القوة في النسبية العامة فهي مفهوم رياضي ينتج عن انحناء في هندسة الفراغ أو تشوهها. النوع الأول من آلة الزمن هو عبارة عن جسم شديد الكثافة يلتف بسرعة كبيرة جداً حول نفسه. فحقل الجاذبية القوي لهذا الجسم يقوم بسحب الزمكان حوله عندما يلتف هذا الجسم حول نفسه. العملية تشبه الضغط على قطعة من القماش بواسطة قلم مدبب (الجسم الشديد الكثافة) وتدوير القلم فنلاحظ أن المنطقة من قطعة القماش (الزمكان) القريبة من رأس القلم تبدأ بالالتفاف حول رأس القلم، كما تحدث بعض التمزقات في تركيبة نسيج قطعة القماش. هذه التمزقات في هندسة الزمكان تعمل حلقات حول الجسم الكثيف الدوار. إذاً فكرة آلة الزمن حسب النسبية العامة تقوم على أن للزمن نفس خواص المكان، فالزمان والمكان مدمجان بعضهما مع بعض. فعندما نقوم بحني الزمكان فالنقطتان البعيدتان عليه تصبحان قريبتين بعضهما من بعض، أي الماضي يصبح قريباً من المستقبل، وهذا بدوره يمكننا من الانتقال إلى المستقبل والى الماضي أيضاً. الجسم الكوني الدوار الذي من الممكن أن يعطي مثل هذه النتيجة يكافئ 10 نجوم نيترونية يبلغ كتلة كل منها كتلة الشمس وحجم كل منها يساوي جبل أفرست، يدور حول نفسه 2000 دورة في الثانية. فالنجم النابض بلسار المكتشف وهو نجم نيتروني فردي يدور حول نفسه 700 دورة في الثانية. نموذج آخر لآلة الزمن هو الثقوب السوداء. تشير بعض تفسيرات النسبية العامة إلى أنه من الممكن لزوج من الثقوب السوداء أن يتصلا مع بعضهما بنفق يمثل شقاً قصيراً عبر الزمكان ومثل هذه الأنفاق تعرف بالثقوب الدودية (الأنفاق الدودية) ، فالثقبان السوداوان يعرفان بفمي النفق، يمكن أن يكونا في أي مكان من الفضاء والزمان ويبقيان متصلين بنفق دودي هناك أفكار أخرى حول السفر عبر الزمن نحو الماضي، فمن خلال الكمبيوتر وما يعرف بالواقع الافتراضي يمكننا عمل ذلك والسفر نحو الماضي (فيلم قائم على مثل هذه الأفكار). دراسات حديثة يشترك بها علماء الكمبيوتر وفلاسفة تعتبر أن الكون كله هو كومبيوتر أو برنامج صممه شيء شديد الذكاء على سبيل المثال : الله الخالق جل جلاله يجب أن نشير إلى أن مبدأ السببية ليس مصوناً بهذه الدرجة المطلقة، فقد ظهرت مؤشرات في ميكانيكا الكم لا تحترم هذا المبدأ وهذا ما أثار حفيظة آينشتاين : فالله عند آينشتاين لا يلعب النرد؟ رحلة نسبوية قررت إدارة ملتقى الفيزيائيين العرب القيام برحلة نسبوية لأعضاء المنتدى، إلى اقرب مجرة لنا مجرة أندروميدا، والعودة بغية تعريف أعضاء المنتدى على الظواهر النسبوية، والتعرف أيضاً على حركة وأوضاع المنتديات العلمية في تلك المجرة. إذاً الهدف هو مجرة أندروميدا، الكوكب× تنطلق المركبة من السكون، ولتبلغ سرعة قريبة من سرعة الضوء 0.8c ، c0.9 أو أكثر -حتى تصبح الظواهر النسبوية جلية وواضحة- لابد أن تخضع المركبة إلى تعجيل هائل لا يتحمله الركاب ولا المركبة، ستنفجر وينتهي أمر الرحلة وأعضاء المنتدى. لنفرض أن المنتدى لديه مركبة مصنوعة من معادن خارقة تتحمل مثل هذه الضغوط الهائلة. أما بالنسبة إلى أعضاء المنتدى فيتم تجميدهم مؤقتاً حتى تصل المركبة إلى السرعة المطلوبة. أدعو الله أن تنجح هذه الطريقة. يتوجب على أعضاء المنتدى تجميد أنفسهم أربعة مرات خلال رحلتي الذهاب والإياب. لنفرض أن انطلاق المركبة تم بنجاح. عندما يستيقظ أعضاء المنتدى سيشاهدون الأشياء والأجسام الفلكية تتوضع بعضها خلف بعض مباشرة وسيرون أن الأشياء تمر بهم من جميع الجهات والأشياء التي تقع خلفهم ستظهر أمامهم فأجزاء من مجرتنا درب التبانة ستظهر أمامنا. يعود ذلك إلى ما يعرف بظاهرة الزيغ النجمي التي اكتشفها جيمس برادلي ، عندما نسير بسرعة كبيرة جداً مقارنة بسرعة الضوء فإن الضوء يأتينا من الأمام. ولتوضيح ذلك : عندما ننطلق بسيارة مسرعة في جو ماطر، فإن قطرات المطر تسقط علينا من الأمام، وإذا نظرنا من خلال الزجاج الجانبي للسيارة نجد قطرات المطر ترسم خطوطاً مائلة على زجاج النافذة. كلما ازدادت سرعة السيارة اقتربت الخطوط التي ترسمها قطرات المطر من الخط الأفقي. عندما نوقف السيارة وننزل منها نجد أن قطرات المطر تسقط علينا عامودياً. هكذا تفعل الفوتونات الضوئية مثل قطرات المطر، فعندما ننطلق بسرعة عالية فإن الفوتونات الضوئية سوف تلاقينا من الأمام. وكلما اقتربنا من سرعة الضوء فإن العالم سوف يظهر لنا ضمن نافذة دائرية تقع أمامنا مباشرة. سيصل أعضاء المنتدى إلى مجرة أندروميدا التي تبعد عنا نحو مليوني سنة ضوئية خلال بضعة أسابيع. سنشاهد خلال هذه الأسابيع القليلة تاريخ المجرة منذ مليوني سنة، هنا يأتي مفعول دبلر ستبدو المجرة أكثر سطوعاً وحيوية سنلحظ دورانها، فحالات المجرة المختلفة سيتوالى حدوثها بسرعة وسنشاهد توالي انفجارات السوبر نوفا فيها، ستبدو المجرة كشجرة عيد الميلاد متألقة، فنحن نعبر الزمن نعبر تاريخ المجرة إلى حاضرها. أما مجرتنا درب التبانة (طريق الحليب) ستبدو شاحبة مائلة إلى اللون الأحمر هامدة. وعندما نعود إلى الأرض، ستستغرق رحلة عودتنا بضعة أسابيع، سنشاهد خلالها الظواهر النسبوية نفسها. وعندما نصل الأرض سنجد أن الأرض قد مر عليها حوالي 4 مليون سنة.

0 comments:

Post a Comment